هذه واحدة من ارقى القصائد التي كتبها الشاعرالعربي الكبيرنزارقباني متغنيا في حب العراق ومستذكرا معشوقته وحبيبته العراقيه بلقيس ...
اترككم مع القصيده لتسمتعو بها ..
تحياتي
شمعه
(( مرحبا يا عراق ))
مرحباً ياعراقُ.! جئتُ أُغنيكَ
وبعضٌ من الغـناءِ بكاءُ
مرحباً مرحباً أتعرفُ وجهاً
حَفَـرَتْهُ الأيامُ والأنواءُ
أكلَ الحبُ من حشاشةِ قلبي
والبقايا تقاسمتها النساءُ
كلُ أحبابي القدامى نسوني
لا نُوارٌ تُجيبُ أو عفـراءُ
فالشفاهُ المُطيَّباتُ رمادٌ …
وخيامُ الهوى رماها الهواءُ
سكنَ الحزنُ كالعصافيرِ قلبي …
فالأسى خمرةٌ وقلبي الإناءُ
أنا جرحٌ يمشي على قدميهِ …
وخيولي قد هَدَّها الإعياءُ
فأنا الحزنُ من زمانٍ صديقي
وقليلٌ في عصرنا الأصدقاءُ
مرحباً يا عراقُ كيف العباءات
وكيف المها وكيف الظِباءُ
مرحباً ياعراقُ هل نَسِيَتْني
بعد طولِ السنين سامُرّاءُ
مرحباً يا جسورُيا نخل ُيانهرُ
وأهلاً يا عُشبُ يا أفياء
كيف أحبابُنا على ضفةِ النهرِ
وكيف البساطُ والندماءُ
كان عندي هنا أميرةُ حبٍ
ثم ضاعت أميرتي الحسناءُ
إنني السندبادُ مَزَّقهُ البحرُ
وعينا حبيبتي الميناءُ
مَضَغَ الموجُ مركبي وجبيني
ثقبتهُ العواصفُ الهوجاءُ
إنَّ في داخلي عُصوراً من الحزنِ
فهل لي إلى العراقِ إلتجاءُ
وأنا العاشقُ الكبيرُ ولكن
ليس تكفي دفاتري الزرقاءُ
يا حزيرانُ.مالذي فعلَ الشعرُ
وماذا أعطى لنا الشعراءُ
الدواوينُ في يدينا طُرُوحٌ
والتعابيرُ كلُّها إنشاءُ
كلُ عامٍ نأتي لسوقِ عكاظٍ
وعلينا العمائمُ الخضراءُ
ونهزُّ الرؤوسَ مثلَ الدراويش
وبالنارِ تكتوي سيناءُ
كُلُ عامٍ نأتي فهذا جريرٌ
يتغنّى. وهذه الخنساءُ
لم نزل لم نزل نمصمصُ قِشراً
وفلسطينُ خضَّبتها الدماءُ
ياحزيرانُ أنتَ أكبرُ منّا
وأبٌ أنتَ. مالهُ أبناءُ
لو مَلكنا بقيةً من إباءٍ
لانتخينا لكننا جبناءُ
يا عصورَ المعلَّقاتِ. مللنا
ومن الجسمِ قد يمَلُّ الرداءُ
نصفُ أشعارنا نقوشٌ وماذا
ينفعُ النقشُ حين يهوي البناءُ
ماهو الشعرُ حين يصبحُ فأراً
كِسرةُ الخبزِ هَمَّهُ والغذاءُ
وإذا أصبح المفكرُ بوقاً
يستوي الفكرُ عندها والحذاءُ
يُصلبُ ” الأتقياءُ” من أجلِ
رأيٍ فلماذا لا يُصلبُ الشعراءُ
الفدائيُ وحدَهُ يكتبُ الشعرَ
وكلُ الذي كتبنا هُراءُ
إنهُ الكاتبُ الحقيقيُ للعصرِ
ونحنُ الحُجَّابُ والأُجراءُ
عندما تبداُ البنادقُ بالعزفِ
تموتُ القصائدُ العصماءُ
مالنا مالنا نلومُ حزيرانَ؟
وفي الإثمِ كُلنا شركاءُ
مَن همُ الأبرياءُ؟ نحنُ جميعاً
حاملوا عارِهِ ولا استثناءُ
عقلنا فكرناهُزال أغانينا
رؤانا أقوالنا الجوفاءُ
نثرنا شعرنا جرائدنا الصفراءُ
والحبرُ والحروفُ الإماءُ
وحدويّون؟!والبلادُ شظايا
كلُ جزءٍ من لحمها أجزاءُ
ما ركسيون؟! والجماهيرُ
تشقى فلماذا لا يشبعُ الفقراءُ؟
قرشيّون؟! لو رأتهم قريشٌ
لاستجارت من رملها البيداءُ
لا يمينٌ يجيرنا أو يسارٌ
تحت حِّدِ السكين نحنُ سواءُ
لو قرأنا التاريخَ ما ضاعت
القدسُ وضاعت من قبلها الحمراء
نزار قباني 1969 بغداد